14/02/2021
واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية خلال الأسبوع الماضي بفعل عدة عوامل إيجابية متضافرة، أبرزها التحفيز المالي الأمريكي وآمال انتعاش الطلب، إضافة إلى التأثير الواسع لقيود الإنتاج التي تنفذها مجموعة "أوبك+" التي وازنت المعروض العالمي من النفط الخام.
وحقق الخام الأمريكي مكاسب أسبوعية بنحو 4.7 في المائة في حين ارتفع خام برنت 5.3 في المائة على مدار الأسبوع وسط تنامي الثقة بقدرة الاقتصاد العالمي على التعافي نسبيا من تداعيات الجائحة خلال العام الجاري، وذلك بفعل الآمال المحيطة بنشر اللقاحات الجديدة وبتأثير من بعض الإحصائيات التي تظهر انخفاض متوسط الإصابات الجديدة بالفيروس في مناطق عديدة حول العالم.
وفي هذا الإطار، رجح تقرير لوكالة بلاتس الدولية للمعلومات النفطية، أن يشهد الاستهلاك العالمي للنفط أسرع وتيرة من الارتفاع في الأحجام المطلقة منذ سبعينيات القرن الماضي على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، مشيرا إلى توقعات "بنك أوف أمريكا" بأن ينمو إجمالي الطلب بنحو تسعة ملايين برميل بحلول عام 2024، مضيفا أنه "سيتم تحقيق 5.3 مليون برميل يوميا من هذا الإجمالي في عام 2021، و2.8 مليون برميل يوميا في عام 2022، و1.4 مليون برميل يوميا في عام 2023.
وأشار التقرير إلى أنه - على سبيل المثال - انخفضت حركة التنقل عبر مجموعة واسعة من المناطق في كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) الماضيين، ما أدى إلى انخفاض الطلب على الوقود، وفي الوقت نفسه ازدهرت قطاعات مثل الطلب على البتروكيماويات بسبب زيادة استخدام المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام بينما تعثرت قطاعات أخرى مثل وقود الطائرات.
وأوضح أن هذا النقص في الاتساق في تعافي الطلب على النفط مرئي أيضا عبر مناطق ونقاط زمنية مختلفة، وعلى سبيل المثال، تضرر التنقل في أماكن العمل في أوروبا بشكل كبير ولا سيما في المملكة المتحدة، مضيفا أنه "منذ الربع الأول من عام 2020 شهدت الصين انخفاضا حادا في عدد الرحلات الجوية قبل رأس السنة الصينية الجديدة، لكن الأمر تحسن نسبيا مع حلول رأس السنة الصينية هذا العام قبل أيام".
وذكر التقرير أنه في الولايات المتحدة انخفضت مخزونات النفط الخام بأكثر من 17 مليون برميل منذ منتصف كانون الثاني (يناير) وتقترب بسرعة من متوسطها لخمسة أعوام بعد ثلاثة أسابيع من السحب غير الموسمي، لكن توقعات الطلب الأوروبي لا تزال تحت الضغط حيث وسعت ألمانيا أخيرا إغلاقها على مستوى البلاد إلى آذار (مارس) المقبل وسط مخاوف من انتشار أنواع جديدة من سلالات الفيروس.
وتوقعت "بلاتس" استمرار معاناة منتجي النفط الرملي الثقيل في كندا حتى نهاية العام الجاري - على أقل تقدير - وذلك وسط تصاعد الاحتجاجات البيئية والتدقيق السياسي المتزايد في ظل إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن الجديدة.
وذكر التقرير أن قيام الرئيس جو بايدن، بإلغاء خط أنابيب "كيستون إكس إل" لنقل النفط الثقيل من ألبرتا إلى المصافي على الساحل الأمريكي أربك حسابات المنتجين وجعل مشروع "الخط 3 " البديل على وشك أن يصبح مركزا لحركة الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة، حيث يسعى المعارضون لتوجهات بايدن، إلى الضغط من أجل استكمال هذا الخط.
وأشار إلى اكتمال الجزء الكندي من خط الأنابيب بالفعل، ومن المتوقع أن يبدأ الجزء الأمريكي في العمل في الربع الرابع من العام الجاري، وهناك حالة من السباق مع الزمن لسرعة إتمامه، منوها إلى أن محللي الطاقة يرجحون صعوبة استكمال مشروع خط الأنابيب الكندي الأمريكي بسبب فوز بايدن وهزيمة دونالد ترمب الذي كان الصديق القوي لصناعة الوقود الأحفوري، لافتين إلى أن بايدن رفض نهائيا مشروع خط أنابيب "كيستون إكس إل"، بينما لم يعلن شيئا بخصوص الخط الآخر "خط 3".
وأضاف التقرير أن "كثيرا من الدوائر الاقتصادية الأمريكية يروج لسلامة مشروع "خط 3" بيئيا، كما أن عديدا من الشركات الأمريكية يتجه حاليا إلى ضخ مزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة، وذلك بهدف الوصول إلى مستوى الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050".
ولفت إلى أن كثيرا من التوقعات يصب في اتجاه اعتبار 2022 هو عام التعافي المتوقع للطلب على النفط الخام العالمي من الوباء، مشيرا إلى تأكيد شركات أمريكية حذرها على المدى القريب في مقابل التفاؤل للغاية بشأن أساسيات العرض والطلب طويلة الأجل.
وأشار إلى أنه بسبب قدرة خطوط الأنابيب المحدودة خارج كندا بلغت صادرات النفط الخام بالسكك الحديدية أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 411991 برميلا يوميا في شباط (فبراير) 2020 قبل أن تنخفض إلى أدنى مستوى لها في ثمانية أعوام عند 38867 برميلا يوميا في تموز (يوليو) الماضي مع انتشار الوباء، ومنذ ذلك الحين انتعشت الصادرات إلى 173095 برميلا يوميا في تشرين الثاني (نوفمبر)، وفقا لمنظمة الطاقة الكندية.
وتوقع التقرير أن يخفف مشروع "خط 3" كثيرا من القلق بشأن سعة خط الأنابيب، موضحا أنه مع انخفاض إنتاج النفط الخام الثقيل في دول مثل فنزويلا هناك مزيد من الطلب الأمريكي والأجنبي على النفط الخام الكندي الثقيل.
وارتفعت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام إلى أعلى مستوياتها في 13 شهرا في نهاية الأسبوع الماضي مع تحسن توقعات الطلب على النفط وسط مؤشرات على التقدم في توزيع لقاحات كورونا في الولايات المتحدة، إضافة إلى حزمة التحفيز المالي لمواجهة تداعيات فيروس كورونا.
وأوضح حديث للوكالة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أعلن أخيرا أن الولايات المتحدة أبرمت صفقات لشراء 200 مليون لقاح إضافي لفيروس كورونا من شركتي فايزر ومودرنا، ما يعزز التفاؤل بأن طرح الجرعات الكثيفة بشكل سريع سيؤدي إلى انتعاش قوي في الطلب على النفط في النصف الثاني من العام الجاري.
ونقل عن محللين دوليين تأكيدهم أن توقعات الطلب على النفط الخام يمكن أن تحصل على أفضل سيناريو لها حيث سيتمكن الأمريكيون الذين يريدون لقاح كورونا من الحصول عليه بحلول نيسان (أبريل) المقبل.
ونوه إلى استمرار مشروع قانون الرئيس الأمريكي للإغاثة من فيروس كورونا البالغ 1.9 تريليون دولار في التقدم عبر الكونجرس، حيث أقرت لجنة الطرق ووسائل النقل في مجلس النواب جزءا يبلغ 940 مليار دولار من الحزمة التي تضمنت جولة ثالثة من مدفوعات الإغاثة المباشرة التي يبلغ مجموعها 1400 دولار للفرد.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط أكثر من 2 في المائة الجمعة، مسجلة أعلى مستوياتها فيما يربو على عام بفضل الآمال في أن يعزز تحفيز أمريكي الاقتصاد والطلب على الوقود، وفي ظل شح الإمدادات الذي يرجع بدرجة كبيرة إلى تخفيضات كبار المنتجين.
وصعد خام برنت 1.29 دولار بما يعادل 2.1 في المائة، ليتحدد سعر التسوية عند 62.43 دولار للبرميل بعد أن ارتفع خلال الجلسة إلى 62.83 دولار، أعلى مستوياته منذ 22 كانون الثاني (يناير) 2020.
وأغلق الخام الأمريكي مرتفعا 1.23 دولار أو 2.1 في المائة، عند 59.47 دولار، بعد صعوده إلى 59.82 دولار، ذروته منذ التاسع من كانون الثاني (يناير) 2020. وانتزع الخام الأمريكي مكاسب أسبوعية بنحو 4.7 في المائة، في حين ارتفع برنت 5.3 في المائة، على مدار الأسبوع.
ويعقد الرئيس الأمريكي جو بايدن، اجتماعا مع مجموعة من رؤساء البلديات وحكام الولايات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في إطار مساعيه لإقرار خطة إغاثة من تداعيات فيروس كورونا حجمها 1.9 تريليون دولار لتدعيم النمو الاقتصادي ومساعدة ملايين من العاطلين عن العمل.
وتتجه مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسة الثلاثة، إلى تحقيق مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي. وتدعمت الآمال حيال عودة الحياة إلى طبيعتها في نهاية المطاف بفضل تراجع حاد في إصابات كوفيد - 19 وأعداد نزلاء المستشفيات.